يقول لي.. لا تعبأ بالراحلين واترك فسحة من الوقت كي ترى نفسك. اقف كما شأ لي المكان، متمهلاً اسير نحوه، احدق في الجبال وهي تخترق جدار السماء، تتلوى، تنحدر، وتصعد من جديد. عند القمة لا أجد نهاية للدرب، انظر له مجدداً، يخبرني أن المياه قليلة والزاد لا يكفي بقية السبيل، خذ شجرة زيتون واستعن بالظل عل الحظ يحالفك صباحاً.


ارسم على الطين تعاليمه وانطق حرفي الأول نحو الخلاص لكنني لا اجد ظلاً يحالفني، ولا أرى زيتونة تدرك زيتها. ترفق بي يا أبي، ساتسلق هذا الجبل وساجعل من خشونة الدرب دماً يكتبني، سأنبري بالركن القصي من (الكاف)، فلا تخذلني في الصعود، فالحجارة حتماً ستخترق جسدي، وللشامتين، رفاق الخيانة، سأصنع ابتسامة من حديد واصبعاً من نار.


متوجاً بالأمل، اراك في تعلقي الأخير هذا المساء.

مقترناً بالفرح، أجدك في اختراق المزيد مني على هذه الارض.

متغلغلاً في دمي، متنفساً هواءك وأنا اعود للطفولة.


اقترب من معرفة كنهك، ويظل اسمك متوارياً بين اعشاب الزعتر واشجار القبار، انتظر نطقك لليقين، تكرر قولك.. لا تعبأ بالراحلين،انتزع انتصارك عنوة وألعن ألف مرة كل الكافرين بك، عما قريب ستعرف من تكون. أقبل يدك لاكمل الصعود.. صعودي السرمدي.

________

* الصورة: (باب ازرق/يفرن) تصوير علاء الدين الجليدي.