ارق يغشى هذا المكان..
نعاس لا ينام يغمرني ويتركني ابحث عن وجهي الذي أضعته في المرآة..
أيها الحزن يا رفيق وحدتي المرهق أسألك لما لا تعود إلى حيث اتيت،
لما لا ترجع إلى الصحراء..
حيث البحر يصنع أملاً جديداً لحزنك العميق..
من ركن إلى ركن اترنح مطوحاً بجثتي الثقيلة على الخارطة المصبوغة بلازورد السماء..
اقترب من الأرض المجدبة فلا أجد سوى اخضرار يرميني إلى ما أبعد من بصري.. أحدق بتمعن..
استغرق في يقظتي الحالمة..
ناسجاً من تفاؤلي الوبائي قطعة من حنين ولفافة من قلق..
أفرد ذراعاً نحو الشمس فاصطدم برماد الغيوم..
شتاء خامس يتسلل..
يختلس مني بضع شعيرات داكنة، يمنحني عدة أوقيات عند الخصر..
يعدني بمزيد من الأيام المشنوقة..
أتدلى من سدرة هذا الليل المتطاول وأكرر للمرة الثلاثين بعد الألف عاداتي الطفولية القديمة..
والمزيد من الظلمة لهذا المساء..
سأخبئ صورتي المستعادة من زمن الإنقراض وأعجل من تحللي البطئ.
هذا أوان أوبتي من الحلم..
فلأدع الدقائق تمر بلا حساب ولأستلقي فوق رحمتي لعل مشهد العذاب يهدأ ويستكين..
كم أنت بائس هذا الليلة أيها الرب..
أعرف أنك تمقتني لأنني سأغادرك،
مفجوعاً في وحدتك،
سأغادرك أيها الحزن الأليف وأعبر هذه السماء الأخيرة إلى حتف الغواية وألعن من عليائي كل الشامتين بهزيمتي وما أن يهدأ الصخب،
أعود إلى ركني..
أتكور على حزني الجديد وأعرف..
أعرف بعد انقضاء الليل أنني مازلت هناك
وأن صورتي تلاشت من مرآة السماء…

لندن
شتاء 2006