عشر سنوات.. أعيدوني إلى حضني الدافئ.. 
اليوم الأول.. ترقبوا ما لم يأتْ وهل من مفر.. 
السنوات تتلاحق.. طرقات تتكرر بلا ملل..

جحيم البداية تحول إلى سمو الجنة الموعودة، عشر سنوات أجدني ملقىً.. بعيداً.. بعيداً، المكان لم يعد المكان والزمن تحرك مخلفاً بقايا حطام أيام لا تبلى حتى بعد عدة محاولات لاغتيالها.. الحاضر المنتحر تحول إلى ماضٍ يصعب إخفاء ابتسامته الباهتة بوضوح.. انبري بكم ولا أجد أحدكم.. أزوركم أستبقيكم لآخر النهار.. أسئلة وقحة تتنزل من عليين.. 

عشر سنوات.. لماذا ؟ 
عشرة أشهر.. كيف ؟ 
عشرة أسابيع.. أين ؟ 
عشرة أيام.. سحقاً.. عشر ساعات.. عشرة دقائق.. عشرة ثواني.. عشرة.. عشرة.. أشخاص اندثروا.. ازدادوا حياةً.. سنوات ابتلت بالمزيد من الأيام.. من كان بلا ذكرى فليرميني بعشر سنوات.. من كان يؤمن بالعدم فليعيديني عند لحظة الولادة تلك..

هل أخبرتكم أنني أحببت يوماً..؟ نعم أعتقد أنني أخبرت بعضاً منكم.. بشكل دقيق ثلاثة منكم أو ربما أكثر فليعذرني رابعكم إن كان هناك واحد آخر فالذكريات عذبتني.. أين كنت.. كنت في صباح التجلي الأول.. كلا كنت سأخبركم أنني عشقت يوماً.. وما الفائدة.. لنبدأ الحكاية من البداية..

كان يا ما كان في قديم الزمان وفي سالف العصر والأوان، طفلٌ يسمع الحكايا المرعبة من حوله ويظل رغم ذلك يبتسم.. كان الجميع يأتي إليه ليخبره بحكاية مرعبة ويبقى يستمع ويبتسم ولكن رغم كل ذلك كان كل الأطفال من حوله يكبرون أما هو فظل طفلاً صغيراً ولا يكبر ورغم ذلك ظل يبتسم وظل الكبار يأتون ليرووا قصصهم المخيفة.. حاولوا بجميع الطرق إخافته دون جدوى وعندما لم يجدي شيئاً تركوه في جلسته تلك تحت الياسمين يروي ابتسامته من حزن وقصص الآخرين وظل طفلاً.. بعد سنوات تلتها سنوات، غادر الجميع المكان وبقي هو لا يجد من يقص عليه حكاية مخيفة الوجوه.. راحت الابتسامة تخبو من محياه.. ازداد صغراً وصغرت الابتسامة… صغر كل شيء ولم يبقى بعد تلك السنوات سوى قلب بحجم الطفل.. تضخم وانفجر تاركاً ابتسامة من موات، قصة سقيمة.

هنا والآن.. الخامس والعشرون من الشهر الثاني عشر للسنة الثالثة بعد التسعين من المائة التاسعة بعد الألف الأولى.. هنا.. ابتسامة ضيعتها بين جدران برتقالية.. خضراء.. وأحياناً بنية.. اختفي وراء أغصان شجيرات الإكليل العبقة عند الصباح وراء الكلية التي لا أريد أن يحضرني أسمها.. ما هو الحرف الأول من اسمها؟ ألفٌ.. كلا.. غين.. كلا.. لا بد أنه لام، نون، كدت أقترب.. أعود إلى نهاية الحكاية… ذات صباح أشرقت الشمس على بقايا الابتسامة دون جدوى.. قصتي أنني لم أسرد قصتي، جلست لأحكي قصص الآخرين لكنني نسيت قصتي وبعد عدة سنوات أقف في منفاي الشمالي بلا قصة أمارس عادتي المتأصلة في سذاجتها بالابتسام برعب.. أخفي حبي.. استتر بضباب صباح ندي.. وامنح رذاذ المطر أسطورةً لعشقها.. هل أخبرتكم أنني أحببت وما زلت أحب؟..

عند نهاية الحكاية جلست امسح الحزن عن وجهي وأمنحكم أصابعي العشر لأشكركم على تلك السنوات وأترك مكاني لسنوات عشر تلوح في أفق الخيال لا أجد متسعاً لحزن جديد ولا أعرف معنىً لفرحٍ لا يؤمن بي.. وبكم أعود إلى تلك الوقفة عند صباح لم يكن له من صباح قبله… وعند ليل لا ينبئ بالمزيد من الصباح الذي لم يعد تائهاً.. هل أقول كل عام وأنا بخير.. أم أقول المزيد..

أطفئ النور وأغمض الأعين وعندها ابتسامة طفل ما يزال يعيش هناك، قبل عشر سنوات ينتظر أن يتعرف عليكم  25/12/2003