نص: جمعة بوكليب 


لم نعد، ياصديقي، كما كنّا، صديقين ، ولم يعد بيننا، باستثناء الطلقات والقذائف، لغة للتخاطب. الزمنُ أحجية وآلاعيب، والوطنُ، في حالتينا، إختيار، والصداقةُ، كما خبر كلانا، كالأقدار، قد تكون محنة وأبتلاء!

من كان يصدق، بعد كل ما كان، أن يحدث هذا؟

أعني – كما يحدث الآن، في البريقة –  يأتي يوم نقف فيه متقابلين على خط متحرك، وحامٍ من العداء والنار؟

فوقنا، سماء لوثها دخان القنابل وأرقتها صيحات المقاتلين. وتحتنا، أرضٌ من تراب ودم ونفط.

وخلفنا، أنا وأنت، طفولة مشتهاة، تنفسنا ضحكاتها، معا، بقلب واحد،

وأمامنا، أنت وأنا، مستقبلٌ مختلف لكلينا، لا يشبه ما كنّا نحلم به صغاراً، ملغمٌ بتفاصيل لم تتضح، بعد، لكلينا، وأسئلةْ

مثلاً:

لمن منّا ، أنا وأنت ، سيكون الوطن دثاراً من دفء وأملْ؟

ولمن منّا ، أنت وأنا ، سيكون المنفى ملاذاً من الوطن؟

لم نعد، ياصديقي، صديقين.

 صار يفصل بيننا نهرٌ من الدم المراق والمخثر ،

وشرق البريقة، حيث أتمترس –أنا- تميّز عن غربها، حيث -أنت – تتخندق. ولم يعد من الممكن التصالح بين الشقين عقب اليوم السابع عشر من الشهر الثاني من عامنا هذا  الذي يعلّم لعودة الأخضر بن يوسف، من غيبته الطويلة، في قصائد سعدي يوسف.

فكيف يمكنني ، في خضم ما يحدث، أن أناديك، كما كنت أفعل، صبياً، بأسمك، وكيف يمكنك ، وفق ما يُكتب، الآن، بالدم ، أن تطرق باب بيتنا، ليلاً، كما كنت تفعل في الماضي القريب، لتوقظني من نومي، ولتبلغني أنك تود قضاء الليلة ، في حجرتي، في بيتنا ؟

لم نعد ، كما كنّا ، صديقين

ياصديقي

وليس لنا، الآن ، أنا في شرق البريقة، وأنت  في غربها ، سوى النوم، متعبين، بعيون مفتوحة وأصابعنا على الزناد في انتظار وصول القذائف في  الصباح، وبداية الكرّ والفرّ ككل يوم.
لندن – 09/04/2011