فاز يوم الاثنين السابع من ديسمبر 2009 الرسام البريطاني ريتشارد رايت بجائزة تيرنر الفنية المرموقة في دورتها السادسة عشر للعام 2009 وذلك عن لوحته التصويرية الجصية Fresco المرسومة على احد جدران متحف التيت الفني في العاصمة لندن حيث تعرض اللوحات والقطع الفنية المترشحة للجائزة الفنية السنوية، وتحصل رايت على الجائزة التي تقدر بخمسة وعشرين ألف جنيه استرليني (25,000£) ضمن قائمة من أربع مرشحين للجائزة تحصل كل منهم على خمسة آلاف جنيه استرليني (5000£).
وتعد جائزة تيرنر الفنية البريطانية، احد أهم الجوائز الفنية التي تحمل أسم اشهر فناني بريطانيا في القرن التاسع عشر رائد المدرسة الطبيعية والرسم بالالوان المائية، الرسام جاي ام دبليو تيرنر (1775 – 1851). وانطلقت الجائزة العام 1984 وتمنح نهاية كل عام لأفضل قطعة فنية لفنان تحت سن الخمسين في بريطانيا وينظمها ويشرف عليها متحف التيت الفني، وعلى الرغم من عد اقتصارها على نوع معين من الفنون التشكيلية إلا أنها ارتبطت منذ تأسيسها بالفن المفاهيميconceptual art المثير للجدل والانتقاد في الأوساط الصحفية والفنية في كل عام.
وترشح لجائزة هذا العام أربع فنانين هم:
ريتشارد رايت (49) عن لوحته الجصية التي تصور تشكيلاً من الأوراق المذهبة والمرسومة بشكل متناسق ومتوهج على جدار ضخم في داخل المتحف الفني، اللوحة قد توحي بالعديد من الأشكال المختلفة النابضة فالبعض قد يرى غيوماً ذهبية أو اجنحة ملائكية، فاللوحة في حالة تغير دائماً بحسب زاوية المشاهدة والاضاءة، ومن المفارقات الغريبة أن هذه اللوحة الفائزة سيتم طلاؤها بالابيض بعد انتهاء فترة العرض، لتضيع إلى الابد، وهو الحال مع جميع لوحات رايت الجصية السابقة، وكأن الفنان يؤكد على هشاشة اللحظة الحاضرة، وذلك بالتركيز هذه اللحظة العابرة في زمن قصير.


روجر هيورنز (34) عن قطعته الفنية المسماة نوبة Seizure المتكونة من ركام من الرماد والغبار الاسود والرمادي على مساحة من صالة العرض والمتخلف من احتراق محرك طائرة ركاب نفاثة، كما نجد على الجانبين تمثالين مصنوعين من بقايا مخ أبقار، وفي أحد الاطراف ركام من الشمع الذائب وفي
الطرف الأخر لوح فولاذي به ستة عشر شقاً يحوي كل منها على قطعة من المادة البنية لمخ بقرة
.


لوسي سيكير (34) بمجموعة من القطع الفنية التي قامت بانجازها حديثاً، اهمها قطعة تتكون من جزء من هيكل عظمي لحوت عملاق، الجمجمة وبعض الفقرات والمتوارية، خلف جدار مؤقت به شقوق طولية للاطلاع من زوايا مختلفة، إلى جانب 26 نسخة من تمثال يمثل حروفاً ابجدية مصنوعة من غبار الفحم.


انريكو دافيد (43) وهو فنان ايطالي يعيش ويعمل في بريطانيا بمجموعة اللوحات والقطع التشكيلية أهمها تمثال على شكل بيضة يقف على رجلين لكرسي هزاز ويحوي التشكيل على صورة للفنان وهو يحدق في المشاهد ويواجه ركح اسود يحوي عدداً من القطع الفنية المثيرة والغريبة، دمية بشرية طويلة، بعض ألعاب الاطفال، وقطع أخرى قد تثير التقزز وفي نهايتها هناك نسخة أخرى من التمثال البيضاوي بوجه الفنان والواقف على رجلي كرسي هزاز.


ومن خلال الاطلاع هذه القطع الفنية المترشحة لهذا العام والتي فازت وترشحت في الاعوام السابقة، من أهمها سرير الفنانة ترايسي امين، وقرش عملاق في حوض من الفورمالين للفنان ديمين هيرست، لا نندهش من أن تواجه هذه الجائزة انتقاداً وجدلاً واسعاً في الاوساط الثقافية والفنية، فهذا النوع من الفن الذي قد لا يروق للكثيرين الذين تعودوا على شكل معين تقليدي من الفن التشكيلي، لا يعتمد على الجماليات الموجودة في القطع أو اللوحات بقدر التركيز على الرموز والافكار والمفاهيم التي تحويها القطعة أو مجموعة القطع الفنية، وهي تحاول بذلك كسر الاعراف السائدة في المجالات الفنية والثقافية، تحقيقاً لمفهوم الفن يجب أن يكون صادماً ومثيراً ومنتهكاً للاعراف والتقاليد ليكون مبدعاً ومتميزاً. ولكن المنتقدين يرون أن الجائزة تحاول تكريس نوع من الفن الفوضوي وغير معتمد على قدرة الفنان التصويرية والخيالية الملموسة، ووصل بالمنتقدين أن اسسوا جوائز موازية احتجاجاً على هذه الجائزة المثيرة للجدل.
القطعة الفائزة والاخرى المترشحة ستبقى معروضة حتى الثالث من يناير 2010 في متحف تيت للفنون بوسط العاصمة البريطانية لندن.
_____
* الصور المرفقة مأخوذة من موقع صحيفة الجارديان البريطانية.